الجمعة، 27 نوفمبر 2009

العمـــــل والحياه



الحياة أشبه بصندوق مغلق ومملوء بالأسرار , وليس له سوى مفتاح واحد , وذلك المفتاح هو الممارسة وخوض غمار الحياة.

نحن اليوم في زمان باهظ التكاليف وكثير المتطلبات, والبطالة نوع من الموت المعنوي, ولهذا فإننا في أمس الحاجة إلى الاهتمام بأعمالنا ووظائفنا.

وفي إمكاننا القول :إن من أكثر ما يؤثر في تفاصيل حياة المرء ومستقبله ومستقبل أسرته أمرين: موضع سكناه ونوعية العمل الذي يكسب رزقه منه, ومن هنا فإن العمل حياة , وإن العمل الجيد حياة جيدة.

كثيرون من شبابنا يحارون عند اختيار التخصص الذي يدرسون, ويتساءلون : هل له مستقبل في سوق العمل أولا ؟ وبعضهم يتساءل: هل يتجه بعد الثانوية إلى العمل أو إلى إكمال دراسته ؟ وهذه الحيرة دليل الشعور بالمسؤولية والشعور بأهمية القرار الذي سيتخذونه.

وأقول: إن على الواحد منا أن يخطط حياته وينظم شؤونه على أن يكون العمل الذي سيقضي فيه بقية عمره ليس عملاً عضلياً, ينهك الجسد , ولا يحرض العقل على النمو, بل يخطط أن يكون عمله على صلة بالعلم والمعرفة والبحث والتطوير, فرأس المال العالمي الجديد يتمحور شيئاً فشيئاً حول هذا.

وعلى كل حال فإن المقاعد الأمامية في كل التخصصات والمهن والوظائف تظل شاغرة ليشغلها المبدعون والمتفوقون وستظل الأماكن الخلفية والوظائف التي لا تحتاج إلى تأهيل مكتظة ومزدحمة.

العمل نعمة وليس مجموعة مشاق, فإذا ظفر أحدنا بعمل جيد فليحافظ عليه وليحوله إلى مهنة, ثم إلى مهمة يومية يوليها كل عنايته وجهده.

المهم دائما ليس مقدار المال الذي نحصل عليه ولا اسم الوظيفة التي نشغلها, ولكن أن يشعر الواحد منا وهو يعمل أنه يقوم بعمل عظيم ومثمر ومجدي.

إن في قول الله - تعالى- " فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره" إشارة واضحة إلى أن كل الأعمال مهما كانت صغيرة فهي ذات قيمة, ويمكن للمرء أن يلمسها, ويتمتع بها.

ومن العجيب حقاً أن الأعمال مهما كانت صغيرة لها نفس خصائص الأعمال الكبيرة, فهي:

- تساعدنا على اكتشاف أنفسنا ومواهبنا.
- تساعدنا على اكتشاف استجابات الأشياء وممانعاتها.
- تغير في البيئات وتجعل الحياة أسهل.
- تنقلنا من مرحلة التخطيط والتمني إلى مرحلة التنفيذ.
- تخلصنا من الفراغ.

ثمار العمل الصغير صغيرة وثمار العمل الكبير كبيرة, ولكل جهد مضاعف نتائج مضاعفة, هذه سنة الله - تعالى - في الخلق.

والمرء يصبح كبيراً حين ينجز الأعمال الكبيرة, ويصبح أشبه بالأموات حين يعجز عن إنجاز الأشياء الصغيرة, أما الرواد فإن مهمتهم هي شق الطريق في الأماكن الوعرة ليمضي خلفهم الكبار والصغار. نسأل الله - تعالى - أن يجعلني وإياكم منهم.

ليست هناك تعليقات: